بركان إيسلندا وتأثير الدومينو
ثوران بركان إيسلندا وما نجم عنه من تداعيات شبيهة بتأثير الدومينو تذكير صارخ بما يمكن لمثل هذه الأحداث المأساوية أن تسببه من مشاكل كونية قد تدوم عدة سنوات, وتشمل أناسا يبعدون آلاف الأميال عن مكان وقوعها, كما تدفع مثل هذه الظاهرة إلى مراجعة كل شيء لحد التساؤل عن كيفية العيش في عالم بدون طائرات كما فعلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية.
فالرماد البركاني الكثيف أدى إلى إغلاق العديد من المطارات الأوروبية, فاضطر رئيس الوزراء النرويجي جينس ستولتنبرغ العائد من القمة بواشنطن إلى البقاء في مدريد وتسيير أمور بلاده عبر جهاز الآيباد الخاص به, ولم يجد أعضاء العائلات الملكية الأوروبية بدا من تقديم اعتذارهم لملكة الدانمارك التي دعتهم لحضور الحفل المقام بمناسبة ذكرى ميلادها السبعين.
أما عشرات الآلاف من المسافرين العاديين الذين وجدوا أنفسهم عالقين في مناطق كانوا يتأهبون لمغادرتها فإن الصحيفة ذكرت أن بعضهم لجأ للتواصل مع من كانوا بانتظارهم عبر الفيديو فيما سارع آخرون إلى القطارات وغيرها من وسائل النقل بحرا وبرا علهم يتداركون بعض ما فاتهم.
ولم يقتصر التأثير على القادمين والمغادرين من وإلى أوروبا وإنما كان له تأثير الدومينو على بقية العالم, فها هي بعثة من ثلاثين طبيبا كانت متوجهة من مستشفى جامعة هارفرد بواشنطن إلى نيجيريا تلغي مهمتها لأن رحلتها كانت ستمر عبر مطار فرانكفورت بألمانيا.
ثأر
ولا يبدو حسب صحيفة ذي إندبندت البريطانية أن الارتباك والبلبلة التي نتجت عن هذا الرماد البركاني ستنقشع بسرعة, فالتنبؤات الجوية تقول إن بريطانيا يتوقع أن تستمر لعدة أيام أخرى في التأثر بها.
أما إيسلندا التي هي موقع البركان, فإن صحيفة غارديان ترى أن تأثرها به كان ضئيلا نسبيا, فمطار عاصمتها ركيافيك مفتوح أمام الملاحة الجوية ويتوقع أن يستقبل رحلات قادمة من أميركا الشمالية ورحلة من إسبانيا, فيما ألغيت رحلات كثيرة من وإلى بريطانيا وباقي أوروبا.
كما أن الفيضانات التي سببها البركان لم تكن خطيرة فنجحت السدود في التصدي لها, وكثير من الذين أمروا بالجلاء عن مساكنهم تحسبا لها سمح لهم بالعودة إليها قبل حلول الليل.
بل إن الإيسلنديين رأوا في ما حدث نوعا من الثأر من بريطانيا التي ضغطت عليهم لإرجاع مدخرات مواطنيها بعد أن أعلن بنك إيسلندي إفلاسه بسبب الأزمة المالية.
فقد نقلت غارديان عن المواطن الإيسلندي براين هالدسون قوله إن رئيس الوزراء البريطاني طلب من إيسلندا إعطاءه المال (وهو بالإنجليزية
CASH) فاضطروا لإعطائه الرماد (وهو بالإنجليزية
ASH) وذلك لأن حرف
C لا يوجد في اللغة الإيسلندية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] سلوك غير منتظم
فهذا البركان الذي ثار آخر مرة عام 1821 ظل لمدة سنة ينفث من حين لآخر حممه, وتنقل صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن أستاذ الجيوفيزياء بجامعة إيسلندا بال إينارسون تأكيده أن البركان قد يستمر في الثوران سنوات عدة.
فمن الصعب التنبؤ بتوجهات نشاطه إذ إن "البراكين معروفة بعدم انتظام سلوكها, وإن كانت هناك قاعدة تشملها كلها فهي أنها لا تتبع لقاعدة".
أما ما ينفثه البركان, فليس في الحقيقة رمادا وإنما هو مادة مكونة من أجزاء دقيقة من الصخور الخشنة والزجاج لا تذوب في الماء ويمكن أن تنتشر عن طريق الرياح, كما وقع لرماد البركان الإيسلندي الذي حملته الرياح المصاحبة للتيار الخليجي إلى بريطانيا وبقية أوروبا.
تداعيات أخرى
وإذا استمر هذا البركان في الثوران, وإذا احتوى رماده على نسبة عالية من الكبريت, فإنه قد يختلط ببخار الماء في الجو لأنه قد يشكل عجينا من حامض الكبريتك ينزل على الأرض كأمطار حمضية.
وعلى كل حال, فإن بعض التداعيات المباشرة الأخرى لهذا البركان بدأت تطفو على السطح, فحظر الطيران قد يسبب عجزا في الفواكه والخضراوات لبريطانيا التي تستورد نحو 90% من فواكهها و60% من خضراواتها من الخارج.
فرغم أن جل تلك المواد يأتي عبر البحر فإن صحيفة غارديان البريطانية تقول إن البقالات البريطانية ستشهد قريبا عجزا في السلع السريعة التلف كالفواكه المستوردة والورود الكينية.
وتشمل الفواكه التي لم تصل بريطانيا في الأيام الثلاثة الماضية العنب والهليون والبصل الأخضر والخس وسلطات الفواكه المعبأة مسبقا.
وبدأت بعض الجهات تدق ناقوس خطر هذه البلبلة على قطاع الشحن الجوي, إذ نقلت الصحيفة عن الأستاذ الزائر بجامعة كرانفيلد آلان بريثويت قوله "إذا استمرت هذه الاضطرابات لمدة أربعة أيام أخر فإن ذلك سيتسبب لا محالة في نقص بعض المواد, ولا شك في أن قطاع الشحن الجوي الذي بدأ لتوه في انتشال نفسه من الركود الذي شله سيتكبد خسائر كبيرة, خاصة أن بعض شركاته أعلنت في الفترة الماضية إفلاسها, وإذا استمر الوضع الحالي لفترة فسيمثل تحديا كبيرا لهذا القطاع ككل".